من المؤكد أن الصومال تمُّر اليوم بمرحلة مفصلية هي الأخطر في تاريخه السياسي الحديث، وتعيش حالة انقسام وغليان سياسي واجتماعي غير مسبوقة لبيئتها الداخلية، نتيجة للغباء السياسي والممارسات الكارثية لحكومة فرماجو خلال السنوات الماضية على الصعيدين الداخلي والخارجي.
ومن المؤكد أيضًا أن تلك الممارسات الكارثية والقرارات الارتجالية المتهورة أسهمت في إنتاج بيئة صراعات سياسية وقبلية مزمنة تشكل خطرًا مميتًا على عوامل الأمن والاستقرار في الصومال وكافة ركائزها الوطنية “كدولة موحدة.”
كما تسببت أيضًا بمزيد من التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للصومال، مما جعلها ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات الدولية وذلك باعتبارها الحلقة الأضعف في المعادلة الإقليمية.
أربعة سنوات عجاف مرّت ثقيلة على الشعب الصومالى عانى فيها كثيرًا من الظلم والحرمان والفساد المالي والإجرام السياسي والأخلاقي لنظام فرماجو الذي يشكل التافهون طبقته المسيطرة الحاكمة، ويُكافأ فيه التافه ويُكرم بأفعاله الرديئة، مما دفع كثير من شرائح المجتمع الصومالي إلى اليأس والإحباط وفقدان الأمل.
ولا شك أن الصومال اليوم بأمس الحاجة – أكثر من أي وقت مضى – ليس لقامة سياسية وطنية فحسب، وإنما لرجل دولة حكيم في قراراته، سيّد في مواقفه وتوجهاته ومتوازن في علاقاته السياسية والدبلوماسية.
ويبدو أن الشعب الصومالي وقياداته الوطنية، قد أدركت جميعًا بخطورة استمرار المشهد السياسي “الكارثي” على ما هو عليه. وهذا ما بدا جليًا في التطورات المفاجئة التي شهدتها قبة البرلمان الصومالي خلال الأيام الماضية، والتي تمثلت في تصويت المجلس التشريعي بأغلبية ساحقة لانتخاب الشيخ آدم محمد نور “مدوبي” رئيسًا للمجلس، وقبله انتخاب السيد/ عبدي حاشي رئيسًا لمجلس الشيوخ الغرفة الثانية للبرلمان الصومالي.
وبحسب المراقبين فإن هذا التطور لم يكن مجرد حدث عابر، بل كان بمثابة يقظة سياسية صومالية أسقطت جميع رهانات فرماجو واحدة تلو الأخرى. كما أفشلت محاولات الجهات الإقليمية لإعادة تكرار سيناريو أفغانستان في الصومال.
وفي ضوء هذه المؤشرات الايجابية فإن جماهير الشعب الصومالي تتطلع إلى تغيير شامل يمهد لبداية مرحلة سياسية جديدة خالية من الفساد المالي والأخلاقي والتهميش السياسي واقصاء المجتمع والكيد له.
وهنا تبرز شخصية دولة الرئيس حسن شيخ محمود في المرحلة القادمة ، وذلك باعتباره قامة سياسية وطنية مرموقة ورجل دولة بامتياز قادر على إخراج البلاد من هذه الظروف السياسية القاسية والتحديات الوجودية التي تتعرض لها، وإعادة الأمل لشعبنا الصومالي الأبي، وكذلك بناء دولة وطنية ديمقراطية قائمة على المساواة والتعددية والمشاركة العادلة في السلطة والثروة.
– وفي مقالتنا القادمة نحاول تسليط الضوء بشكل أكثر سطوعاً على شخصية دولة الرئيس محمود وقدرته على تحقيق تطلعات الشعب الصومالي.
المقالات تعبر عن رأي أصحابها!