تواجه البلاد تحديّات أمنية وسياسية وإنسانية كبيرة، ولا شكّ أن الوفاء بالاستحقاق الانتخابي يساهم في استقرار آليات صنع القرار في البلاد، بما يساهم في حلّ المشكلات المتراكمة على مدى عقود:
- فما هو تقييمكم لما تمّ تنفيذه من خطوات باتجاه الانتهاء من اختيار نوّاب الشعب في البرلمان الفيدرالي الصومالي؟
أوّدُّ في البداية أن أعبّر عن حارّ شكري لكم، وعلى إتاحة هذه الفرصة الطيبة لنا، لمخاطبة المتلقي العربي عبركم، هذا المتلقي الذي نرى من المهم أن نضعه في صورة تطوّرات الأوضاع في بلده الثاني “الصومال”، كما يسعدني وقد أهلّ علينا شهر رمضان مبارك أن أقدّم تهاني لكم ولجميع القيادات والشعوب الإسلامية والعربية على دخول الشهر الفضيل داعياً الله – سبحانه وتعالي – أنّ يوفقنا جميعاً لطاعته، ويختم لنا بالفوز والقبول.
وعوداً على موضوع السؤال، فليس خفيّاً أنّه تم اختياري لمنصب رئيس الوزراء في الحكومة الفيدرالية الصومالية،وقد كانت المدّة المتبقية أربع أشهر على الفترة الرئاسية للرئيس محمد عبدالله فرماجو، والتي كان من المفترض أن أنجز خلالها اختيار نوّاب مجلس الشعب الفيدرالي الصومالي، بغضّ النّظر عن التحدّيات الكبيرة التي بدت لي منذ البداية، لذا كان تركيزي الأكبر منصبّاً على حدوث الانتخابات، وعلى الرغم من العقبات، فقد استمرينا في متابعة الجهود لتحقيق المطلوب، ولم يتبقّ بحمد الله سوى اختيار النوّاب لبضعة وعشرين مقعداً من محافظة “غيدو” و مدينة “بلدويني”، ونحن بصدد الانتهاء من ذلك أيضاَ، لنفي بما تعهدنا بإنجازه في أقرب وقت ممكن، بحيث يتم اعتماد كامل أعضاء مجلس نوّاب الشعب في البرلمان الصومالي خلال الأسابيع القادمة، ويتوجهوا إلى خيمة “أفسيوني” ليعقدوا جلسة انتخاب رئاسة البرلمان بغرفتيه، ممثلة برئيسي مجلسي الشيوخ والنوّاب ونائبيهما، ومن هناك نبدأ مرحلة انتخاب رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية، ويتم انقاذ البلاد من الأزمة السياسية التي تسبب بها تأخر العملية الانتخابية ، والتي استمرت لأكثر من عام، ويصبح بمقدورنا صيانة الشرعية السياسية لمقام رئاسة الجمهورية. وبالتالي للدولة الصومالية.
- ما هي العقبات التي تواجه هذه المراحل الأخيرة من أعمال الانتخابات الجارية؟
نواجه في البلاد ظروف إستثنائية منذ فترة غير قصيرة، إلّا أن الحكومة واجهت ثلاث عقبات رئيسية، كان من واجبي التعامل معها وإيجاد حلول لها، وتلك كانت عقبات اقتصادية وسياسية وأخرى أمنية، وقد تمكنتُ من تجاوز العقبات الاقتصادية بيُسر كبير، أمّا العقبات الأمنية فقد وجدنا لها حلول عبر التعاون بين القوات المسلّحة الوطنية وقوات حفظ السلام الأفريقية “أميسوم” والأجهزة الأمنية المتعددة كالشرطة والمخابرات، فيما خلا محافظة “غيدو”، واعتقد أننا حققنا إنجازات جيدة في ذلك الملف، لكننا واجهنا صعوبات حقيقية في الجانب السياسي ، بصورة بدت أنه كانت لسيادة الرئيس محمد عبدالله فرماجو، تصورات مخالفة للواقع حول العملية الانتخابية، وتجلّى ذلك عبر وضعه عوائق في طريقها،ـ بشكل يوحي بأنّه حريص على سير الأمور باتجاه يضمن له الفوز في الانتخابات والبقاء في السلطة، وهذا وضع الكثير من الأعباء على الحكومة التي أنا على رأسها، مادام أن الرئيس الحالي قد أصبح مرشحاً، فكان من الضروري أن نضمن في المقابل حصول بقية المرشحين على فرصتهم العادلة في الترشّح دون انحياز إلى الرئيس على حسابهم، ونكون حققنا بذلك حرصنا على شرعية مخرجات العملية الانتخابية.
ملف الخلافات السياسية
شهدت الساحة السياسية الصومالية الكثير من الشّد والجذب ببين أجنحة السلطة، في ظلّ تصعيد المعارضة السياسية، وتكثيف الجماعات المسلحة لعملياتها، فهل يمكننا الحصول على صورة أوضح حول الوضع السياسي في البلاد، والعلاقات بين مؤسسات السلطة التنفيذية:
- هل يمكن لفخامتكم إعطاء القارئ العربي صورة عن أسباب الخلاف بين مكتبي “الرئاسة” و”رئاسة الوزراء” الصوماليين؟
أعود وأؤكد على أمر مبدئي وهو أنّ الباعث لاخيتاري رئيساً للوزراء، كان لإنجاز مراحل العملية الانتخابية في البلاد، لكن وللأسف تم خلق بيئة عمل معقّدة سياسيّاً، ما صعّب تلك المهمة علي، وهو المؤدّى في النهائية إلى حدوث – ما آسف أن أسمّيه- “خلافاً” بيني وبين رئيس الجمهورية، لا شكّ أنني مؤمن بأنّ وطننا وشعبنا كانا في غنى عنه، وقد ورد ذلك الخلاف في ثلاث ملفات رئيسة، لم يكن أيٌّ منها شخصياً، بل كان مداره حسن سير العملية الانتخابية، وقد كان أوّل ملف ظهر فيه تباين في وجهات النظر بيني وبين رئيس الجمهورية، هو اختلاف موقفينا من مطالبة المرشحين للانتخابات الرئاسية بممارسة حقهم في التجمع والتظاهر، والتعبير عن ما يجدونه مستحقاً للنقد، خصوصاً مع انتهاء المدة الدستورية للفترة الرئاسية للرئيس، ومساعي الرئيس التمديد لفترته الرئاسية لسنتين أخريين، لذا طالب المرشحون بأن يقوموا بمظاهرات، وهو ما رفضه الرئيس، ومن جهتي فقد كنت متقبلا لمبدأ حقّ المواطنين في التظاهر السلمي والتوافق على ذلك، وأثناء سعيي أنا ورئيس الجمهورية للإلتقاء لمناقشة أمر تلك المظاهرات التي أعلن عنها المرشحان للرئاسة وهما الرئيسان السابقان “شريف شيخ أحمد” و”حسن شيخ محمود”،حيث بادر الأخيران إلى الإعلان عن موعد ومكان التظاهر، بمشاركة عدد من المترشحين للانتخابات الرئاسية كرئيس الوزراء السابق “حسن علي خيري”، إلّا أنّ قوّات أمن حكومية هاجمت الفندق الذي اتخذه الرئيسان السابقان مقرّا لهما وتم إطلاق النار تجاههما، وهو ما اعتبرته تجاوزاً كبيراً لم أقبل به، كما لم أتردد في إطلاع الرئيس على موقفي هذا بشكل لائق وإن كان مباشراً، وكان ذلك بداية لمرحلة من التباعد في وجهات النظر، على الرغم من أن الله – سبحانه وتعالى – وفقنا إلى عدم تحوّل الأمر لخلاف كبير، كما سيأتي في قضايا أخرى بعد ذلك، ولا أخفي اعتقادي بأنّ المحرّك لأسباب الخلافات فيما بيني وبين الرئيس، هذا التوجّه الجديد الذي أتخذه الرئيس محمد عبدالله فرماجو ذاته و تأييد مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني “فهد ياسين” للتجاوزات التي حدثت، وهو ما دفعني إلى توجيه تنبيهات متكررة إلى الأخير، ليتوقف عن فعل ما من شأنه التضييق على المرشحين، لأنه سيؤدي إلى وضع سياسي محتقن ليس في مصلحة الشعب والدولة، كما أن الحكومة الراهنة في غنى عن كل ذلك .
ثم ونحن في خضم محاولة ضبط سلوك جهاز الأمن والمخابرات الوطني، أتت قضيّة اختفاء “إكران تهليل” الموظفّة الشابة في الجهاز ، وهو ما دفعني لاستدعاء “فهد ياسين” ومساءلته أمام الرئيس حول مسألة اختفائها، وأوضحت له ضرورة إيجاد المعلومات حول مصيرها، وضرورة إعداد تقرير متناسب مع أهمّيّة تلك القضية في أسرع وقت ممكن، لكن تمّ تعمّد الاستخفاف بالمسألة، ولم يكلّف الجهاز وقيادته أنفسهم القيام باللازم، بل أعلنوا – ببساطة – مسؤولية حركة الشباب المجاهدين عن مقتل الموظفة المختفية، وهو ما أوضحت عدم رضاي عنه، وبناءاً عليه أصدرت قراري بعزل مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطنية “فهد ياسين”، لعدم كفاءته في إدارة هذا الملف الحسّاس للغاية، وهو ما أغضب الرئيس، وأشعل الخلاف بيني وبينه .
أما مصدر التباعد الثالث في وجهات النظر فقد كان مداره “لجنة حل الخلافات” في “اللجنة الوطنية للانتخابات”، والتي هي لجنة حيوية للعملية الانتخابية، إذ من مهامها تسوية الخلافات واستقبال التظلمات والاعتراضات حول نتائج العملية الانتخابية، وقد واجهت تلك اللجنة تدخلات من جهة مكتب الرئيس، بحيث تبيّن أن الغرض من تلك التدخلات عرقلة اعتماد نوّاب برلمانيين قد تم انتخابهم بالفعل، وكذلك كان من بين أهداف تلك التدخلات منع تصحيح مخالفات قام بها البعض من كادر اللجان الانتخابية أو الناخبين، وذلك ما حدا بي إلى إقالة سبعة من أعضاء “لجنة حل الخلافات”، ممن وجدتهم قد تسببوا بالكثير من المشكلات، وتبيّن ارتباطهم المباشر بمكتب الرئاسة وكونهم محسوبين عليه، بحيث تنازلوا عن استقلاليتهم والمهنية في أداء واجباتهم. وقد أدّت تلك الإجراءات التي اتخذتها إلى تعميق الخلاف بيني وبين الرئيس، وأدّى ذلك إلى نشر اتهامات تمس بنزاهتي الشخصية، واتهامي بالاستيلاء على أراضي من الأملاك العامة مثلاً، ولم يتوقّف الأمر عند ذلك الحد، بل تمت مهاجمة مكتبي بالقوة المسلّحة فيما يمكن وصفه بـ”انقلاب” على السلطة التنفيذية التي أترأسها، نتيجة لتعذّر إمكانية سحب الثقة منّي، والعائد للوضع غير الطبيعي الذي تسبب الرئيس في خلقه، بسبب تجاوزه للمدة الدستورية لمهام الرئاسة التي كان يجب عليه التقيّد بها.
- ما هي الإجراءات التي تم أخذها للحد من تأثير الخلافات في وجهات النظر بين أجهزة الدولة على العملية الانتخابية والوضعين الأمني والإنساني؟
رغم محاولتي لإيجاد حلّ للخلافات في المرّات الثلاث بين الرئاسة ورئاسة الوزراء، فإنني لا يمكنني القول أنّه تم الوصول إلى حلّ مع الرئيس، لكنني بذلت ما في وسعي للوصول إلى تسوية ما، تتيح لي استكمال مهامي التي مناطها إجراء الانتخابات، وتمّ الاتفاق بعد سلسلة من الاجتماعات مع جميع الأطراف السياسية المعنية في البلاد، إثر دعوتي للمجلس الاستشاري الوطني، الذي يضمُّ حكّام الولايات الفيدرالية، باعتبار أن جمهورية الصومال دولة فيدرالية، تتوزع فيها السلطات بين الدولة الفيدرالية التي أترأس جانبها التنفيذي وحكّام الولايات الفيدرالية التي ستُعقد الانتخابات ضمن أقاليمها، مادام أنّه قد ثبت أنّ هنالك تدخّلات سياسية يسعى عبرها طرف بعينه لحجب فرص الفوز لصالح أفراد بعينهم، بعيداً عن العدالة والشفافية، وقد اتفقنا على ضرورة التعجيل بالانتهاء من العملية الانتخابية بعدالة ونزاهة وحمايتها من السلبيات التي تم خلقها بسبب التسييس الحاصل، لأصل في النهاية إلى اتفاق ملائم يتيح لي تنفيذ الاستحقاق الأهم المطروح أمامي الآن، وهو الانتهاء من العملية الانتخابية التي ستحدد في نهاية المطاف من سيكون رئيس البلاد في الفترة القادمة.
– العلاقات الصومالية العربية:
جمهورية الصومال الفيدرالية، عضو في منظمة جامعة الدول العربية من سنة 1974م، وكان لها أدوار مهمة في المنظمة الإقليمية، إلّا أنه منذ مطلع التسعينيات نتيجة للأوضاع الداخلية المضطربة، انحدر الدور الصومالي في المنظمة:
- ما هي وجهة نظركم حول الدور الذي مارسته الدول العربية المعنية بالشأن الصومالي خلال العقود الثلاث الماضية، فيما يخصّ الأوضاع في البلاد؟
معلوم أن الصومال عضو في جامعة الدول العربية، وله علاقات جيّدة مع جميع الدول العربية، ولدى اختياري لمنصب رئيس وزراء البلاد، كانت العلاقات العربية الصومالية تشهد نوعاً من التفاوت، فقد كانت جيّدة مع بعض الدول، في حين كان يشوبها شيء من البرود في العلاقات، مثل جمهورية مصر العربية والإمارات العربية المتحدة، وأحبُّ أنّ أشدّدَ على أنّه لم تكن هنالك خلافات بالمعنى الحرفي للخلاف، بل تباين في الرأي حول ملفات بعينها، تزداد حدّته أو تخفت حسب الأوضاع السياسية المحيطة بنا.
وخلال السنة التي توليت فيها مهام رئيس وزراء جمهورية الصومال الفيدرالية، فقد بذلت كل ما في وسعي لتعزيز العلاقات الثنائية بين مصر والصومال، حيث قمت بزيارة الأشقاء في جمهورية مصر العربية، في صيف العام الماضي، وكان في استقبالي أخي الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، وأجدني ملزماً بالتنويه بالاستقبال الدافئ الذي لقينا به الأشقاء في جمهورية مصر العربية، وقد تمكنا من خلال سلسلة من الاجتماعات والمباحثات من حلحلة ما لمسناه من برود شاب العلاقات الأخوية بين البلدين، ووجدت الكثير من التعاون من الجانب المصري لنصل في النهاية إلى أهمية تعزيز التعاون والتنسيق في كافة المجالات المختلفة.
ومؤخرا قد قمت بزيارة رسمية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، وقد سبق أن أعلنت قبل قيامي بتلك الزيارة بأنّ العلاقات الصومالية الإماراتية أعمق وأكبر من أية خلافات طارئة في وجهات النظر، وأنّ حسن العلاقات بين الأشقاء أمر مبدئي لا بدّ منّه، وتمكنت من خلال الزيارة المذكورة، الالتقاء بالأشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة وعلى رأسهم سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وسمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وكان مدار محادثاتنا توافقنا على أن الصومال في مرحلة إعادة بناء الدولة، وأنها لا غنى لها عن وقوف أشقائها معها، في حين أكّد الأشقاء في قيادة دولة الإمارات أن الأخوّة الإماراتية الصومالية أمر مبدئي. ولا شكّ أن هذا التوافق جعل اتفاقنا على سرعة حلحلة أية خلافات في وجهة النظر، وتعهدي من جانبي بإزالة أيّة مصادر لتلك الخلافات في وجهات النظر على الجانب الصومالي، وفي المقابل أكّد الأشقاء الإماراتيون تمسكّم المبدئي بالعلاقات العميقة والحميمة بين البلدين.
- ساهمت دول عربية بدور مهم في مجالات الإغاثة والعون، فما هي أهم الدول التي قدّمت الدعم للشعب الصومالي؟
لا يخفى عليك أنّ البلاد تمرّ الآن في مرحلة شديدة الصعوبة نتيجة للجفاف، وعند دعوتنا إلى ضرورة مساعدة شعبنا في هذه الظروف القاسية، فقد وجدنا استجابة فورية من جانب الأشقاء في المملكة العربية السعودية، ويهمني حقيقة أن أتوجّه بجزيل الشكر للملك سلمان ابن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان على الإستجابة الفورية، فبناءاً على توجيهاتهما الكريمة، أعلن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، عن التزامه بتقديم دعم مستمر لمائتين وخمسين ألف أسرة متضررة، وتوزيع الإغاثة الغذائية لهم، كما أودّ شكر القيادة السعودية على إعادة السماح بتصدير الثروة الحيوانية الصومالية إلى المملكة العربية السعودية، وهو ما سيساهم في إنعاش الاقتصاد الصومالي، خصوصاً مع وجود الجفاف والغلاء الناتج عن ما يجري في العالم من حولنا.
كما أشكر المبادرة الإماراتية في تقديم العون والإغاثة للمتضريين من الجفاف في مناطق عديدة من البلاد، وأخص بالشكر رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة سمو الشيخ خليفة بن زايد بن سلطان آل نهيان وأخويه سمو الشيخين محمد بن زايد بن سلطان آل نهيان ومحمد بن راشد بن سعيد آل مكتوم على استجابتهم الفورية لدعم الشعب الصومالي، وأشكر كذلك دولة قطر على الدعم الذي أرسلته لتساعد شعبنا في مواجهة هذه الظروف القاسية، وكذلك جميع الدول الشقيقة والصديقة التي كان لها دور في تخفيف وطأة الأوضاع الحالية عن شعبنا.
وأنني أجدني ملزماً بلفت النظر إلى الكارثة المؤسفة التي وقعت مؤخراً في مدينة “هرجيسا” عاصمة صوماليلاند، إثر الحريق الذي تسبب في دمار جانب كبير من سوق “واهين”، ذلك السوق الذي يمثّل الرئة الاقتصادية للمدينة، علماً بأنّه قد أدّى إلى تدمير مئات المحال والأعمال التجارية، متسببًا بخسائر لا تعوّض لعشرات الآلاف من صغار الكسبة والتجّار ورجال الأعمال، بحيث أصبح الكثيرون دونما مصدر للدخل بين ليلة وضحاها، ومع تنويهي بالجهود الكبيرة التي قام بها المسؤولون وأبناء المدينة لمحاصرة الحريق وإخماده، وفخري بالتضامن الذي أظهره الصوماليون تجاه أبناء جلدتهم حيثما كانوا، فإنني سأنتهز هذه الفرصة لدعوة الأشقاء العرب أن يهبّوا للمساعدة في الدعم والتعويض وإعادة إلإعمار لذلك السوق الحيوي، والتخفيف من المعاناة التي يعيشها ضحايا ذلك الحريق الكارثي .
ما هي رؤيتكم لمستقبل العلاقات الصومالية-العربية في ضوء المستجدات؟
أراني متفائلاً فيما يخص مستقبل العلاقات الصومالية العربية، فعملية إعادة بناء الدولة الصومالية تتقدم باستمرار، وهو ما سيعزز الأهمية الطبيعية للبلاد، نظراً لموقعها الجغرافي المركزي في العالم من جهة، وأهميتها الاستراتيجية خصوصاً على المحيط الهادي وخليج عدن وقرب مضيق باب المندب، والموارد والثروات الاقتصادية التي تحتويها ضمن إقليمها، سواءاً على اليابس أو البحار.
وأظنّ أن المستجدات الدولية والتقدم الحاصل على أرضنا، يجعلان الوعي بعدم استغناء الصومال عن أشقائه العرب من جهة، وعدم استغناء أشقائه عنه من جهة أخرى، أصبح وعيّا يترسخ في أذهان القيادات العربية، كما هو راسخ في أذهاننا، فما يجعمنا كثير، من حيث الدين والثقافة وإيمان شعوبنا بأُخوّتها وتضامنها، وتوحدنا تحت مظلة الجامعة العربية.
لذا أعتقد أنّه في المستقبل القريب سنجد المبادرين من رجال الأعمال العرب سيقبلون على استثمار مواردهم المالية في وطننا الصاعد والغني، فنحن على مشارف التنقيب عن النفط، والمهاجرون والمغتربون بدأوا يعودون إليه، لذا فإنني أتمنى أن يبادر المستثمرون العرب إلى أن يضعوا بلادنا في خططهم المعنية بالاستثمار وتبادل الخبرات وحركة الأموال، ولا شكّ أن هنالك مبادرات مشكورة من دول عربية عديدة، لكن المجال واسع ومفتوح للمبادرين.
أجراه : عبدالرحمن آدم علي حضانة
أعده : محمود محمد حسن عبدي
تصوير: حسن كافي فارح
نشر أولاً في موقع “إندبندنت عربية” ولاحقا في شبكة الحدث الإخبارية