لا زلنا نضرب بعض الأمثلة لمن خدم علم الصرف في بلاد الصومال من المدرسة التقليدية وإنجازاتهم العلمية في ذلك المجال؛ من حيث التأليف أو الشرح والتبسيط، وما إلى ذلك. ومن هذه الابداعات العلمية لأهل العلم وطلابهم في ميدان الصرف وأبنيته ما قام به كوكبة من أولئك مثل:
السيد أحمد محمد مري (هبر يونس)
السيد أحمد محمد أخذ العلم على أيدي علماء أجلاء، ومن بينهم فضيلة الشيخ محمد معلم حسن؛ حيث كان يواظب على الحلقات العلمية في مقديشو، وأعطى اهتمامه في العلوم العربية حتى وضع فضيلته شرحا وافيا لكتاب لامية الأفعال سماه بـ “تدريب الأشبال في تسهيل قواعد لامية الأفعال” والكتاب مازال مخطوطاً وفي طريقه إلى المطبعة.
الشيخ محمد حسن طه السعدي
وهو الشيخ محمد حسن طه الوسليّ Wisil)) السعدي ، وهو مدرس أعطى اهتماماً كبيراً بالحلقات العلمية ، وإلى جانب ذلك الاهتمام شرع في تأليف رسالة لطيفة في فن الصرف أطلق عليها: “القواعد المباركة السنية في خلاصة علم الصرف” وهذه الرسالة تم طبعها في مدينة مقديشو – الصومال ، في طبعتها الأولى عام 1435ه.
الشيخ بشير أحمد آدم العيري
هو أحد العلماء المهتمين بالعلوم الدينية كعلم القراءات والتجويد، والفقه وأصوله، وعلم اللغة من نحو وصرف، وغير ذلك. وقد أخذ العلم على أيدي علماء ماهرين ، ومن بينهم فضيلة الشيخ الدكتور أبو بكر حسن مالم.
والشيخ بشير أعطى اهتماما خاصا باللغة العربية، ويقوم بتدريسها في الحلقات العلمية في المساجد والزوايا، كما قام بشرح كتاب لامية الأفعال لابن المالك ، وسماه بـ “مفتاح الأقفال شرح لامية الأفعال”
وقد قسم شرحه هذا إلى قسمين:
- مفتاح الأقفال (المستوى الأول)
- مفتاح الأقفال (المستوى الثاني)
والأخير مطول، وبذل المؤلف فيه جهدا جبارا لشرحه وتبسيطه، ويقوم الشيخ نفسه بتدريس الكتاب في حلقاته الخاصة. أما المستوى الأول فقد أعد المؤلف للمبدئين في فن الصرف. ومهما كان الأمر فالكتاب طبع بطبعته الأولى بالقاهرة.
ولا غرابة في أن يظهر الشيخ بشير بهذا المستوى العلمي، وبهذا الجهد الكبير ؛ لأنه ينحدر من أسرة دينية علمية، فأخوه علي أحمد آدم لغوي حاذق ، وقد قام بشرح متن كتاب الآجرومية في علم النحو. كما أن له أخا آخر.. صاحب مكتبة علمية في مقديشو، وهذا كله لعب دوراً مهماً في إثراء حياة الشيخ بشير الثقافية والعلمية والفكرية.
الشيخ عبد الشكور معلم عبدي فارح؛
وهوشاب نشط في ميادين العلم والمعرفة، وله رسالة لطيفة في علم الصرف ، سمها بـ “الصرف الميسر” تقريب لامية الأفعال لابن مالك.
وقد عرض المؤلف كتابه هذا بأسلوب عصري مع أمثلة وجداول وتدريبات بغية تسهل الكتاب لطلبة العلم، مع تلخيصه أهم قواعد علم الصرف كما رتبها الإمام العلامة ابن مالك رحمه الله في منظومته الشهيرة ” لامية الأفعال” مع إضافات مهمة، لما لمسه من الحاجة الملحة إلى تقريب وتوضيح قواعد هذ العلم الذي يعتبر ركنا أساسيا من أركان اللغة العربية؛ وذلك على نحو يحقق الفائدة المأمولة. وذكر المؤلف في مقدمة كتابه بأنّ هدفه إنّما هو تسهيل هذا العلم وقواعده المعروفة لتكون في متناول القراء على اختلاف مستوياتهم، لا سيما طلبة العلم ومحبي هذا الفنّ.
وبعد عرض الكتاب اختتم المؤلف 16 قاعدة من قواعد صرفية مهمة بطريقة موجزة، والهدف من ذلك تسهيل فهم هذه القواعد وحفظها. وصدرت الطبعة الثانية للكتاب في دار العلم والنشر والتوزيع بالقاهرة ، عام 1442هـ/ 2021م.
محمود حنبل حاج عبد السلطان:
شاب طموح ونشط، ترعرع في إقليم هيران مع أسرة مشهورة بالدين والخلق والعلم، وفي ريعانة شبابه كان يتردد على حلقات المساجد ومجالس العلم والأدب، ثم انتظم فيما يسمى بالتعليم النظامي. وضع كتاباً في علم الصرف، مما يدل على تمكنه وتفوقه في هذا الفنّ، وكيف لا، وهو ينحدر من قبيلة آل الحسن المشهورين بهذا الفن، ويحمل كتابه اسم : “الإيضاح في علم التصريف” فقد وجدته كتابا يتناول بعمق أبواب علم التصريف، جزل العبارة ، واضح الإشارة، خال من الحشو والتكلف والتكرار والتطويل، وهذا مما يقرب فهم الكتاب لطلبة علم التصريف، ويًسهَل حفظه للمتعلمين، فمن حفظ القواعد حاز الأصول وفاز بالوصول، وقد أكثر المؤلف في الكتاب الأسئلة والأجوبة والجداول ليفهم المبتدئ ، ويستحسن المتمكن ، وذيّل في بعض المواضع فوائد ونكتاً رآها المؤلف بأنها تنفع ، وجمع المؤلف مادة كتابه من أمهات المراجع والمصادر في هذا الفن خلال تدريسه للغة العربية في الحلقات العلمية والمدارس النظامية ، كما رتب ترتيبا مقاربا لترتيب قصيدة لامية الأفعال المشهورة للعلامة ابن مالك الأندلسي. والكتاب رغم صغر حجمه إلا أنه يشمل مقدمة وخمسة الأبواب من أبواب علم التصريف، كباب الفعل المجرد وأوزانه ، وباب الفعل المزيد وأنواعه ، وباب الفعل المضارع والأمر ، وباب أوزان المصادر ، وأخيرا باب الأسماء المشتقة وأقسامها، وتقع هذه الرسالة اللطيفة في 120 صفحة ، وطُبعت عام 1433هـ بالقاهرة – مصر ، بدار الفكر العربي.
والكتاب يصلح لأن يتم تدريسه في المدارس والمعاهد وحلقات المساجد وأروقة العلم ، والكتاب – كما يرى المؤلف نفسه – ما هو إلا ثمرة لجهوده من ميدان عمله وهوايته.
السيد خالد بن عبد الله:
اجتهد كثيرا في العلوم العربية، ونهل من مناهلها ، وتتلمذ على أيدي علماء أجلاء، كما لزم أستاذه السيد مهد حاج شكري. وعند ما استوى ساعده شرع في إصدار رسالة صغيرة تناول فيها فن الصرف بطريقة بسيطة سهلة ، مع تعليقات مفيدة وميسرة، وقد أطلق على رسالته: “مفتاح الغلف في فن الصرف”
وهذه رسالة كما ذكر واضعها ” رسالة في علم التصريف، صغيرة الحجم، جُمعت من كتب هذا الفنّ …”، والرسالة طُبعت طبعتها الأولى في عام 1442هـ/ 2021م، دار العلم للنشر والتوزيع، القاهرة.
الشيخ هارون بن عبد الرزاق:
بعد أن ألف الشيخ هارون بن عبد الرزاق الأزهري كتابه الذي سماه بـ “الظرف في علم الصرف” قام أبو الفضل محمد بن هارون بشرح الكتاب، كما اعتنى إخراج الكتاب بشير محمود محمد. وهي رسالة رغم أنّها صغيرة الحجم، إلا أنّها مفيدة جدا ، وسهلة الفهم، رتبها مؤلفها على مقدمة وثلاثة أبواب. وطبعت طبعتها الأولى عام 1437ه الموافق عام 2016م.
الشيخ عبد الله حاج عبد السلطان “الحسني”:
وهو مدرس كبير ينحدر من أسرة ذات دين وشرف، وينتمي إليها كوكبة من العلماء الذين حملوا لواء العلم والمعرفة في منطقة القرن الإفريقي، ومنهم أخوه صاحب السماحة والفضيلة الشيخ عمر فاروق حاج عبد السلطان رحمه الله. والشيخ عبد الله حاج عبد السلطان تلقى العلم على أيدي علماء أسرته ، ثم رحل لطلب العلم إلى منطقة الحجاز، والتحق بجامعة أم القرى حتى تخرج فيها، وبعد فترة استقر في شمال أروبا وخاصة في دولة السويد، وله دور في نشر العلم والمعرفة في صفوف الجالية الإسلامية، بما فيها الجالية الصومالية. ورغم أنّ الشيخ عبد الله متبحر في أكثر من فن إلا أنّه أراد أن يكتب الصرف وأبنيته، ولا غرابة في ذلك؛ لأنّه من المدرسة الطومودلي المعروفة في قطرنا الصومالي، وقد ذكر المؤلف سنده إلى تلك المدرسة بحيث قال:
” … سمعنا هذا الفن عن الشيخ سيد عمر الفاروق عن شيخه سيد محمود شافع عن شيخه سيد شيخ مصطفى عن أبينا سيد حاج عبد السلطان عن شيخه سيد حاج عبدله شيخ شجرة طومودلي. “
وكيفما كان الأمر، فإن الشيخ عبد الله وضع رسالة لطيفة، سماها بـ “روح الصرف” ويلاحظ أن مؤلف الكتاب عرض كتابه على شكل جداول أو رسوم بيانية تشكل خريطة ذهنية، والكتاب خلاصة أو مدخل في علم الصرف وفق قواعد لامية الأفعال لابن المالك، وهذا الكتاب جدير بالحفظ والعناية، وقد ذكر الكاتب في خاتمة كتابه بأنّه بحث ” ضحى الترصيف في فنّ التصريف، وسميته روح الصرف يسري كالماء في العود الحضر – في روح العاقل ، ويقبل معها في الرواح ليتلبد الفقه وينتعش نزهة الفكر في روضات الوحي…”، ثم ختم كتابه في بوح سنده لهذا العلم من المدرسة الصرفية المعروفة في منطقة طومودلي في غرب الصومال، والكتاب مطبوع، و منشور إلكترونيا في الشبكة العنكبوتية، كالخزانة الصومالية.
عبد القادر أحمد كابح:
السيد عبد القادر أحمد كابح عالم لغوي يهتم باللغة العربية، ومن جهوده أنه أصدر عدة كتب عبارة عن سلسلة دورس في النحو والصرف، ومنها:
- كتاب الصرف للمبتدئين
وكتاب “الصرف للمبدئيين ” جزء من سلسلة دروس النحو والصرف التي أبدع فيها الكاتب، وقد أعدّها المؤلف كتابه للمبتدئين في تعليم فنّ الصرف ، كما يبدو على عنوان الكتاب. والمؤلف قد تناول في كتاب 11 باباً من أبواب علم الصرف بعبارة سهلة ومناسبة للطلبة المبتدئين في هذا المجال، ليكون مدخلا مناسباً لهم. وقد أنهى كتابه شهر ديسمبر عام 2019م، وهو متوفرة بنسخة الكترونية.
الشيخ عبد الرزاق محمد نور:
أبو أمين عبد الرزاق محمد نور الإسحاقي كان يلتزم في بدايات حياته العلمية بالحلقات العلمية في مقديشو وغيرها، وخاصة حلقة الشيخ أحمد نور الشيخ محمود الشيخ إبراهيم القطبي الشيخالي الساكن في راسو في غرب الصومال، وحلقة الشيخ موسى معلم حسن عينتي المرسدي، وغيرهما، ولما كوّن نفسه علمياً أصبح الشيخ عبد الرزاق عضواً من هيئة التدريس في جامعة شمس العلوم بهرجيسا.
وفيما يتعلق بالتأليف والابداع يظهر أنّ الشيخ عبدالرزاق أعطى اهتماماً خاصة باللغة العربية، وألف كتاباً سماه: ” ” التبيان في علم البيان ” ويتناول هذا الكتاب علم البلاغة وخاصة قسم البيان.
أما علم صرف فقد قام الشيخ بـتحقيق ودراسة كتاب ” فتح اللطيف شرح حديقة التصريف ” الذي ألفه الشيخ عبد الرحمن بن أحمد الزيلعي، والكتاب مطبوع ومتوفر في الأسواق، وقد فرغ من إنجاز تحقيقه ودراسته في منتصف عام 2016م
في نظري أنه من الصعب حصر كل الانجازات العلمية التي تمت على أيدي العلماء وطلابهم فيما يتعلق بعلم الصرف وخدمته، وخاصة إذا عرفنا بأنّ بعض هذه المؤلفات لم تخرج إلى النور، كما أنّ بعضا منها قد ضاع من أصحابها، ويكفي أن نشير إلى أمثلة من ذلك :
الشيخ عبد الله معلم القطبي:
فضيلة الشيخ عبدالله بن معلم يوسف المشهور بالشيخ عبد الله القطبي كان مجتهداً بنشر تعاليم الإسلام ويطوف على أرجاء بلاد الصومال الكبير حتى توفاه الله، وإلى جانب زهده كان شاعراً ومؤلفاً، وله عدة كتب أغلبها في التصوف مثل:
- أنيسة العاشقين في تذكرة المحبين
- لمجموع ؛ هو كتاب يحوي خمس رسائل مطولة (عقيدة أهل السنة والجماعة، سراج الظلام في سلسلة السادة الكرام، تحذيرات بليغة تسمى بالسكينة الذابحة على الكلاب النابحة، نصر المؤمنين على المردة الملحدين مع بقية أحكام الدين)
وهذا الكتاب ضخم، وقد ملأ المؤلف فيه فوائد متنوعة على قالب النثر والنظم، وطبع الكتاب في القاهرة بمطبعة المشهد الحسيني على نفقة الشيخ فقيه بن شيخ محمد أبي بكر القادري.
أما في مجال الصرف فقد وضع الشيخ عبد الله القطبي:
- الصرف: والكتاب غير مطبوع ، بل ما زال مخطوطا في مرقد ومركز الشيخ بقلنقول.
فضيلة الشيخ عبد القادر محمد آدم المشهور بشيخ عبد القادر عكاشه؛
– شرح لامية الأفعال لابن المالك في علم الصرف؛
على حد علمي كان ينوي فضيلته قيام شرح لكتاب لامية الأفعال لابن مالك، وكان لديه بعض المسودات في مراحله الأولى، بحيث كان يعتزم السير نحو تحقيق أمنيته في إخراج الكتاب. ولا يُستغرب أن يقوم فضيلة الشيخ عبد القادر بشرح كتاب مهم في علم الصرف كلامية الأفعال، لأنّ فضيلته تبحر في هذا العلم بعد أن اشتغل في تحصيله حتى صار متخصصا ، وقد تتلمذ على أيدي كبار العلماء المتخصصين في هذا الفن، مثل الشيخ نور الدين حورشَو المشهور بشيخ ورعدادي Warcadaaday الأبغالي، والشيخ عبد الرحمن طوب الأغاديني المعروف بشيخ عبد الرحمن صرفيلي، بحيث استمع منه كتاب الصرف والكواكب، كما استمع من حلقة الشيخ حسين الأبغالي الورشيخي كتاب قطر الندى وبل الصدى، وجوهر المكنون في علم البلاغة، والشيخ محمد الأغاديني في مسجد يقع في حي وابري، واستمع منه كتاب الألفية لابن المالك، والشيخ محمد الهادي الحسني وأخذ منه النحو والصرف، ودرس على يديه كتاب الألفية في مدينة نيروبي بكينيا وفي مقديشو بالصومال.
الشيخ علي محمد صالح؛
وهوفضيلة الدكتور الشيخ علي محمد صالح عبد الله العزاني، تربى وترعرع في مدينة مقديشو، والتزم الحلقات العلمية التي كانت في المساجد والزوايا الخاصة، وبعد اتمامه الدراسة النظامية رحل إلى من المملكة العربية السعودية ودولة ماليزيا، وتخصص بالدراسات الإسلامية التي يحمل منها شهادة الدكتوراه ، وهو الآن إمام وخطيب مركز التوفيق الإسلامي في النرويج، ويتعاون مع أكثر من مركز علمي ثقافي في العالم، وله نشاط متواصل، حفظه الله.
ولفضيلة الدكتور علي عدة كتب بين مطبوعة ومخطوطة، ومن بين هذه الكتب: “أوجز المقال في شرح لامية الأفعال” هذا الكتاب ما زال مخطوطاً، وهو عبارة عن تعليقات لتبسيط أبيات لامية الأفعال. والهدف من ذلك تسهيل االأمر لطلبة هذا الفنّ؛ لكي يفهموه بكل يسر وسهولة. وقد فرغ المؤلف من تأليف كتابه هذا عام 1412هـ الموافق عام 1990م
عامر أحمد ميو
كاتب ومؤلف له عدد من الرسائل العلمية، وخاصة فيما يتعلق باللغة العربية وآدابها، مثل “تيسير الصياغة في علم البلاغة “، وهو أخ للباحث الصومالي المعروف الأستاذ أنور أحمد ميو – صاحب المؤلفات الفريدة – علماً أنّ لهما مؤلفاً مشتركاً يتناول الأمثال العربية. والأستاذ عامر له جهود مضنية فيما يتعلق بمناهج اللغة العربية لبعض المدارس الأساسية في كينيا، وهو مصحح لغوي. أما جهوده في علم الصرف الذي نحن بصدده فله كتاب أطلق عليه: “إتحاف الظريف بدروس سهلة من علم التصريف”
وهذه الرسالة أراد مؤلفها لتسهيل هذا الفن لطلبة العلم ، وهي إلى طريقها للطبع والنشر قريباً، إن شاء الله.
الشيخ محمد الهادي قاضي محمد قاضي حبيبت أبو بكر:
وهو عالم مبرز من علماء الصومال وفقهائها، وقد بدأ التأليف في عمر مبكر، كما كان أديبا شاعرا إلى كونه من أهل التأليف والدراية بحيث كان يلقي بعض الأبيات والأشعار، وخاصة فيما يتعلق بالروحانيات، لأنه كان يميل إلى التصوف ومدح النبي صلى الله عليه وسلم، ويلاحظ أنّ معظم شعره كان في الصوفيات والمدائح ، وفي الحقيقة أنّه رحمه الله كان شاعرا متمكنا ولغوياً بليغاً ذا لسان فصيح. وقد أنجز بعض الرسائل العلمية، ومن ذلك: “أمالي شريف يوسف بن شريف محمود الحسني في شرح لامية الأفعال بالعربية”
وهو كتاب يتناول علم الصرف من خلال مجالس الشيخ شريف بن يوسف بن شريف محمود، وشرحه لكتاب لامية الأفعال بالعربية.
ونستطيع أن نُعدّ هذه الرسالة ضمن الجهود العلمية وخاصة الصرفية وشروحها التي تحققت على أيدي علماء من أهل الصومال، ولكنها مفقودة، وضاعت قبل طبعها نتيجة الانهيار الذي حصل بلاد الصومال عقب الحروب الأهلية. وقد أكد لي نجل المؤلف وهو الكاتب والأديب والشاعر القدير الأستاذ محمد الأمين محمد عبد الهادي بأّنه اطلع على الكتاب عندما كان في الصومال، وقال: ” كان المخطوط الذي اطلعت عليه هو بخط الوالد، وكان يدرسني من هذه المخطوطة ولكنها لم تعد موجودة.”
ومهما كان الأمر، فالشيخ محمد الهادي رحل إلى بلدة بارطيري الزراعية قادماً من مدينة براوه الساحلية ليس إلا لطلب العلم، وعلى الرغم من أنّ بارطيري كانت تشتهر بحلقاتها الفقهية المتنوعة إلا أنّه إلى جانب ذلك كانت هناك أيضاً حلقات أخرى كحلقة علم الصرف الذي كان قائدها الشريف يوسف البارطيري، والذي كان يدرس كتاب لامية الأفعال لابن مالك تحت شجرة معروفة لدى أهل بارطيري، لأنّ الشريف يوسف كان يرفض أن يجلس للتدريس في حلقات المساجد، ومن هنا كان كتاب ” أمالي الشريف ” ثمرة مما دوّن الشيخ محمد الهادي من حلقة الشريف الصرفية وملاحظاته العلمية بصياغة الشيخ محمد الهادي من منطلق شرح شيخه لكتاب لامية الأفعال لابن مالك.
وللشيخ محمد الهادي أيضاً كتاب آخر في تعليم اللغة العربية، وأطلق عليه: “الإرشاد لمن يريد النطق بالضاد”
ويجدر بالإشارة إلى أنّ المؤلفات الصرفية التي أنجزها علماء الصومال حاولوا بقدر الإمكان مراعاة السهولة في المنهج، واليسر في تناول القضايا الصرفية، واختيار الأساليب غير المعقدة والمكلفة ، محاولين الابتعاد عن اختيار الأمثلة الصعبة التي لا تخدم الطلبة؛ لأنّهم عرضوا القواعد التقليدية بأسلوب سهل خال من التقعيد دون المساس بروح القاعدة الصرفية المعروفة عند عرضها، ومن هنا نجد غالبية رسائل العلماء السابقين خالية من تعقيد الأسلوب والإبهام.
وللحديث بقية…
خدمة قيمـة هامة
حفظك الله ورعاك فضيلة الشيخ الباحث