يعتبر سوق العمل في الصومال الأكثر والأسرع نموا في شرق أفريقيا؛ حيث تزداد حاجة أرباب العمل للأيدي العاملة الماهرة بشكل يومي بسبب التوسع السريع في كافة مجالات التنمية البشرية في بلد يتعافى بشكل تدريجي من خراب الحروب الأهلية التي استمرت لأكثر من ربع قرن.
رغم أن السوق مليء بالفرص والتحديات بالنسبة لتحركات العرض والطلب على العمالة إلا أن العمالة المحلية مع كثرة أعدادها لم تستطع ملء فراغ حاجة السوق؛ مما أدى إلى استقدام العمالة الأجنبية من مختلف بقاع العالم، وبالتالي ازدياد أعداد الشباب العاطلين عن العمل بشكل سنوي.
هناك عدم تطابق كبير بين المهارات التي يتعلمها شبابنا والمهارات المطلوبة في السوق، والتي تتطلب مواكبة التحول الرقمي الذي يتسم بسرعة الإنجاز مع مراعاة الجودة في المنتجات.
التعليم النظري طغى على التعليم المهني، فعدد مراكز ومدارس التدريب المهني محدودة للغاية مقارنة بمدارس ومراكز التعليم النظامي التي انتشرت في طول البلاد وعرضها مع إهمال شبه كامل لمتطلبات السوق ولمعايير الجودة المطلوبة لتلبية متطلبات سوق القرن الحادي والعشرين.
الغياب الطويل للمؤسسات الحكومية أدى إلى انهيار كلي لمنظومة التعليم، والفشل في استشراف سوق المستقبل من أجل إعداد الأجيال النامية إعدادا جيدا يمكنهم من التأقلم مع حاجات السوق المعاصرة.
تعتبر الفئات الشابة من المجتمع بأنها تشكل أغلبية ساحقة بالنسبة للعدد الإجمالي للعاطلين عن العمل؛ حيث يشكل الشباب في الأصل أكثر من 70% من إجمالي السكان البالغ 16 مليون نسمة حسب الإحصاءات التي تم إصدارها في السنوات الخمس الأخيرة من قبل منظمات الأمم المتحدة.
وحسب تقرير لمنظمة العمل الدولية تم نشره في العام 2019 فإن ارتفاع معدلات البطالة في الصومال أدى إلى انخراط الشباب في أعمال العنف وكافة أنواع الجرائم.
الفرص والتحديات الموجودة في سوق العمل ليس فيها تناغم وانسجام، وهذا أدى بالبعض إلى بحث الفرص داخل التحديات، وخلق حلول ذات طابع رقمي لبعض المشاكل المصاحبة للازدهار العمراني والتنموي في الصومال بشكل عام، وفي مقديشو بشكل خاص.
ورغم أن البيئة المشجعة لازدياد فرص العمل والعمال من بنى تحتية وشبكة مواصلات لا وجود لها أصلا ؛ وبالتالي فإن أعدادا كبيرة من الصوماليين أبدعت في إنعاش سوق العمل، وأوجدت الآلاف من فرص العمل التي قصدها القاصي والداني؛ حيث لا غرابة بأن ترى بأن من بين العمال الذين يشيدون البنايات العالية في مقديشو ينتمون إلى مختلف الدول الآسيوية، ويؤدون أدوارا مختلفة أثناء عملية البناء.
السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هنا هو: هل يخضع استقدام العمال الأجانب إلى البلاد لأي نوع من الرقابة؟ وما مدى تأثير العمالة الوافدة على معدل البطالة لدى الشباب الصومالي؟ وما هي الميزة التنافسية الموجودة في العمال الأجانب، والتي لا تتوفر في العمال الصوماليين؟ وهل يمكن سد الفجوة المهنية بين العمال الصوماليين والأجانب في فترة محدودة؟
وفي حال عدم توفر أجوبة منطقية لهذه التساؤلات من قبل القطاع العام والخاص فإن سوق العمل في الصومال لن يخدم في تقليل معدل البطالة في الصومال، وبالتالي فإن معدلات الجرائم ستزداد بشكل ملحوظ.