اللغة هي شيء غير قابل للتخلي، لاسيما عند ما يتعلّق الأمر في إثبات الهوية والانتماء. ورغم أن اللغة العربية هي لغتنا الثانية كصوماليين، إلا أن لنا لغة خاصة بشعرها ونثرها ومعجمها الخاص. فالتشبث با للغة العربية وعدم السماح باندثارها واختفائها من وسط النظام التعليمي الصومالي يدل على ما تحمله العربية من مكانة وأهمية خاصة للكيان الصومالي المسلم. فاللغة العربية هي الأساس لفهم الدين الإسلامي، لذلك هي ليست لغة قومية تخض قوما دون آخر بقدر ماهي لغة واسعة تمتد كالأرض وبإمكانها احتواء الكون بأكمله.
في الأمس شاركت في مؤتمر نظمته إحدى الجامعات الصومالية التي تحمل همّ إحياء اللغة العربية في الصومال على عاتقها. جاء المؤتمر تحت عنوان ( اللغة العربية، والتعليم النظامي في الصومال: الواقع والفرص) وقد نوقش فيه تقهقر وجود اللغة العربية في الآونة الأخيرة، وكيف كانت العربية تتربع سابقا على عرش المركز الثاني بكل جبروتها وحضورعها الطاغي حتى جاءت الإنجليزية فأزاحتها عن الساحة بدرجة تكاد تختفي من الوجود. وقدشمل التقاش كذلك العوامل التي أدت إلى هذا الأمر، كما نوقش أيضا كيف يمكن للغة العربية أن تستعيد مكانتها التي تستحقه في الصومال كتكثيف موادها في المدراس وتسهيل فرص العمل للذين يُتقنونها.
كنتُ سعيدة بما يجري في المؤتمر، فكان الحضور والمقدمين كلهم يتكلمون باللغة العربية الفصحى، وهذا جعلني بالفعل أشعر بالانتماء للمكان، أعشق هذه اللغة وتطربني مفرداتها وتناقضاتها وكل أحرفها الفاتنة، ورؤية أبناء بلادي يتغنون بها ويحيونها كانت بالنسبة لي مثار إهتام وتبجيل.
لي لغة أنتمي إليها وأنتسب لها و هي لغتي الأم ” الصومالية ” أحبها وأتمنى في يوم من الأيام أن تتنافس مع اللغات الأخري الحية في العالم ، أغبط أبناء بلدي الذين يكتبون بها شعورهم نثرا وشعرا، أغبطهم وأتمنى أن أتمكن من الكتابة والتعبير بلغتي الأم يوما ما، أقول هذا لكيلا يبدو الأمر بأن عشقي للغة العربية هو الذي يجعلني أهجر لغتي الأم.
أما العربية فهي لغة الحب لوالدي ولغة ضميري، ولغة مشاعري كلها، هي لغة أكرمها الله إذ جعلها لغة كلامه المرتّل، لغة يجب أن نتعلمها وندرسها ونحتفي بعظمتها، وكما تقول القاعدة الفقهية ” ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ” وفهم العربية من فهم الدين.
الأخت هنادي أحمد نور.
أشكرك على كتابة هذا المقال، واشجعك كثيرا في الاستمرار في التعبير عن نفسك بالقلم .
اللغة العربي -يا عزيزي- ليست اللغة الثانية في بلادي، وليس هناك في الصومال قرية واحدة يتكلم أهلها بلغة العرب، كما لا توجد ولو قلبية صومالية صغيرة يتحدث أبنائها لسان العرب.
كل ما حدث هو قيام الدكتاتور محمد سياد بري في عام 1974 بضم الدولة الصومالية الى جامعة الدول العربية بجرة قلم، وبذلك أصبحت اللغة العربية لغة رسمية لأول مرة في تاريخ الصومال.
أما اللغة الثانية للشعب الصومالي فهي اللغة السواحلية أي لغة الام لسكان مدينة براوا، ولغة الام لسكان الجزر الصومالية في المحيط الهندي التى أشك أنك سمعت عنها من قبل، ولغة الام لسكان مدينة كيمبوني، وأخيرا لغة أم لسكان الحي القديم في مدينة كسمايو. عدم إعتراف الدستور الصومالي باللغة السواحلية كلغة رسمية للدولة الصومالية هي في الواقع عدم الإعتراف بهذه المجموعات البشرية كمكون من مكونات المجتمع الصومالي المتعدد الثقافات واللغات. كما أن هناك لغات اخرى يتكلم بها الشعب الصومالي ويجب على الدستور الصومالي الاعتراف بها لان الناطقين بهذه اللغات هم ببساطة مكون أخر من مكونات العشب الصومالي. وبحكم كوننا مسلمين نستورد الكتب الدينية من بلاد العرب، ثم نقوم بترجمتها الى لغتنا كي نفهم فحواها، وليس أكثر من ذلك. مثلنا في ذلك مثل الكثير من الشعوب الاسلامية الغير ناطقة بلغة .
واذا عندنا للتاريخ نجد ان اللغة العربية كانت شائعة في القرون الوسطي بحكم كون الدولة العباسية القوة العظمي الوحيدة في تلك الأيام. أما اليوم فاللغة الانجليزية هي الشائعة لإن الامبراطورية البريطابية كانت القوة العظمي الأولي في العالم حتى نهاية الحرب العالمية الثانية في عام 1945، ثم إستمر وضعها كلغة العالم بعد أصبحت أمريكا القوة المهيمنة في العالم. وأخيرا ليست هناك لغة مقدسة واخرى غير مقدسة بل هناك لغة تفرض نفسها على العالم، واخري في طريقها نحو الانقراض. واليوم نرى أن جامعات العالم توجة إهتمام كبير للغة الصينية نظرا لصعود الصين الاقتصادي ولأن إحتمال ان تصبح الصين القوة الاقتصادية الاولي في العالم في وقت قريب أمر وارد.