رفضت الولايات المتحدة، أمس الثلاثاء، العرض الذي قدّمته بولندا، لتسليم قاعدة “رامشتاين” الجوية الأميركية في ألمانيا، مقاتلاتها التي تملكها من طراز “ميغ 29” السوفييتية الصنع (تملك 28 مقاتلة من هذا الطراز)، بغية إرسالها إلى الجيش الأوكراني، وقواته الجوية، المتعطشة إلى المقاتلات الجوية الحربية في معركتها لصدّ الغزو الروسي المستمر على البلاد، منذ 24 فبراير/شباط الماضي.
وصدرت تصريحات من واشنطن، اعتبرت العرض البولندي، غير قابل للتطبيق، وأن الإدارة الأميركية تفاجأت به، علماً أن الطرفين لا يزالان قيد التفاوض حول المسألة، بحسب ما أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأسبوع الماضي. ويبدو العرض البولندي، بمثابة إحراج لواشنطن، التي كانت أكدت أنها تبحث مع وارسو، تسليمها مقاتلات حربية، لتزويد كييف بها. وتمكنت وارسو من فرض هذه القضية على طاولة البحث بشكل أكبر، وهو ما تعتبره كييف قضية حياة أو موت، فيما يستبعدها البيت الأبيض.
قلق أميركي من تزويد كييف بالمقاتلات الجوية
وتثير مسألة تسليم كييف مقاتلات جوية، قلقاً لدى الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، لاسيما أن موسكو كانت حذّرت أي دولة قد تفكر بالمشاركة جوّاً في الحرب، أو دعم الأوكرانيين بسلاح الجو، من أنها ستعتبر الأمر مشاركة في الحرب، وستواجه برد روسي.
ويأتي الرفض الأميركي، على الرغم من الضغط الأوكراني الذي يمارس في هذا الإطار، ومحاولة إحراج الحليف الأميركي لإنهاء تحفظه حول الموضوع، ضمن حسابات “لوجيستية” أولاً، وعسكرية تتعلق بتواضع الدور الذي يمكن أن تقدمه مثل هذه المقاتلات لدعم الجيش الأوكراني، وتجنب أي مواجهة عسكرية مباشرة بين الولايات المتحدة وروسيا.
وفيما تركز واشنطن حالياً على جعل كلفة الحرب عالية جداً على الروس، فإن الاستراتيجية التي تبدو واضحة هي استمرار دعم أوكرانيا بالسلاح والعتاد الذي بإمكانه إبطاء التقدم الروسي، وإضعافه، ونزع هالة القوة عن الجيش الروسي، ثم إغراقه في مستنقع المقاومة الداخلية. وتطلب بولندا طائرات “إف 16” الأميركية الصنع، حتى لو كانت “مستعملة”، مقابل ما ستمنحه للقوات الجوية الأوكرانية، علماً أنها بصدد الحصول على دفعة جديدة من الدعم العسكري، والتعزيزات التي يواصل الناتو تثبيتها في أوروبا الشرقية، كجزء من خططه الدفاعية لمواجهة التهديدات الروسية.